انطلق في عجالة كي الحق موعدي, تأخرت قليلا في النزول فقد انشغلت منذالصباح باختيار مأمور قسم التجمع الاول و مدير الحي و مساعدوه ... اخترت مأمور للقسم محامي حقوقي سابق كان قد اقام مؤتمرمنذ عدة اسابيع بجوار المنزل يشرح خطته لضبط المرور في المنطقة و الاجراءات التقشفية و المطلوبة مننا جميعا حتى نتمكن من استثمار الاموال الخاصة بالحي في صورة مفيدة من رصف للطرق الموجوده و زيادة عدد العاملين بالحي في الزراعة ...
مدير الحي مهندس زراعي يقترب من نهاية العشرينات بدأ حياته في احد المزارع الاستثمارية الكبيرة في مشروع شرق العوينات في الجنوب .. الرجل بدا واثقا من نفسه و هو يعرض خطته للاستفادة من كم المناطق الخضراء و خطته في استبدال اعمدة الانارة و توفير انارة شمسية و التعديلات الازمة لتحقيق ذلك و حكى كثيرا عن عدة تجارب اقامها عدد من المستثمرين في شرق العوينات لتأمين استهلاك المياة بصورة اقتصادية و بيئية سليمة ...
بدت القاهرة مبتسمة حينما نزلت للشارع ... الحمد لله يا رب ﻷول مرة لا اجد ابناء البواب في الشارع يلعبون .. كنت اتناقش معه كثيرا في موضوع تعليم الابناء وهو دائما ما يتعلل بفائدة ذلك و يقول خليهم يساعدوني في شغل المنزل .. اعتقد ان هذا حدث بعد القانون الذي وافق عليه برلمان الثورة بمعاقبة كل اب بغرامة مالية تتجاوز المئة الف جنيه اذا لم يترك ابناؤه يتعلمون و الذي صدر معه في نفس الوقت قانون التعليم الجديد الذي جلب المناهج من اليابان في منحة مجانية من الحكومة اليابانية لمصر ... كانت وزارة التعليم قد بدأت بتدريب و تحسين دخل المدرسين منذ عدة اشهر و صدر قانون صارم يعاقب كل من يعطي دروسا خصوصيه و جعل الدراسة 10 ساعات يوميا فلم يعد امام الطالب الا المدرسة ليتلقى علمه فيها .. في الاول لم تكن المباني كافيه و لكن عقب تحويل كل المباني الخاصة بأمن الدولة "الامن الوطني" و بقية الاجهزة الامنية الى مدارس بدأت المدارس في استيعاب الطلاب و تحويل ميزانية الداخلية الى التعليم و الصحة ساعدوا في ذلك تماما.
مازلت اتذكر وجه سيد صديقي الفتى الاسمر القاطن في الشرابية ... يا ترى ياسيد هل ما حدث في البلد منذ استشهادك يكفيك و لا لسه محتاجين نكمل كمان .. سيد استشهد في اخر معاركنا مع النظام في نهاية 2013 تلك المعركة التي فقدت مصر فيها مايقرب من العشرة الاف شهيد و قضت تماما على النظام السابق بمعارضية و شرطتة و جيشه و قواته المنظمة من البلطجية .. لم اكن اتخيل ان يحدث ذلك بتلك الصورة و لكنها حدثت اصدر المرحوم مرسي قرارات اقتصادية عنيفة من رفع الدعم عن الوقود و الزيت وعدة سلع اخرى فخرج الناس غاضبين في الشوارع و مارست السلطة نفس الاجراءات المجنونة و نزل الاخوان يدافعون عن الداخلية ايضا و عن دولتهم العميطة و في بداية المواجهات استشهد ما يقرب من 4000 الاف شاب من انحاء الجمهورية و بدت صورهم في جميع الفضائيات و هم يقاتلون نظام رأى فيما يحدث صورة لنهايته فقرر يدافع حتى اخر رمق.و نزلت جموع الشعب للشارع يهتفون الشعب يريد اسقاط النظام .. الشعب يريد اعدام النظام و استمرت المواجهات في كل انحاء الجمهورية عدة ايام و ليالي و حارب الشباب كل القوى الرجعية في المجتمع من جماعات سياسية متحالفة مع النظام و معارضة له و من افراد شرطة و جيش و قضاة و اعلاميين و سالت الدماء انهارا و بعد القضاء على 90% من ذلك الكيان المسمى دولة اجتمع الشعب في الشارع و اعلنوا عن اختيار عدة افراد مشهود لهم بالثورية و النزاهة معروفين من قبل قيام ثورة يناير الاولى وياللعجب اغلب هؤلاء تحت الثلاثين و اكبرهم سنا خمس و ثلاثون عاما
بدأ هؤلاء بعمل محاكم ثورية عنيفة لم تجد من يعترض عليها و قاموا بالتخلص من الفاسدين اما بالاعدام او بالسجن مدى الحياة و بعد ذلك شرعت القوى الثورية الشبابية في انتخاب ممثلين لها يكتبون الدستور و جرى استفتاء شعبي عليهم و وافق الشعب بنسبة تجاوزت ال80 في المئة
بدا الدستور مختلفا عن كل دساتير العالم فقد اشتمل على عشرون مادة اطولهم لا تتجاوز السطرين و فيه مجمله يدعم حرية العقائد و يقلص من صلاحيات الدولة الرسمية الى اقصى حد و ذلك عن طريق توزيع الدخل على المناطق و رؤساء الاحياء المنتخبين و المختارين من اهالي المنطقة
....
يتبع الجزء الثاني